في جنات الرغد أيتها الزهرة اليانعة

كانت الساعة الواحدة وخمس وأربعون دقيقة بعد منتصف الليل، حين وصلني تنبيه على هاتفي النقال يحمل رسالة شكر على تعاز. قرأت الرسالة ولم اصدق ما تراه اعيني ، بشكل تلقائي تصفحت وبحثت في الإنترنت لأجد الخبر الصاعق في عنوان أحد الأخبار: “شفا عمرو تفجع بوفاة الطبيبة الشابة رغد سويطات”.

يا إلهي. لقد صعقت بالخبر وشعرت بالاختناق والدموع تحتبس في أعيني ففتحت الشباك لأتنفس الصعداء ونظرت إلى السماء المكفهرة فلمحت روحها الطاهرة ترفرف فوق الثرى، فيما تهدل الحمامات البيض معلنة الوداع الأخير لروح فقيدتنا الدكتورة رغد حمد سويطات، هذه الشخصية الشجاعة والمثابرة التي واجهت بكل قوةّ المرض وأصرت على إتمام دراستها الجامعية. إنها رمز للإصرار والعزيمة والعنفوان، ومصدر فخر واعتزاز لما حققته من انجاز أكاديمي مشرف.

شجاعة الدكتورة رغد لا يمكن للكلمات في قاموسي اللغوي المتواضع أن تجد وصفها لها. فقد كانت تواجه تحديات صحية عاصفة، لكنها لم تستسلم لها بل قررت أن تواصل مسيرتها العلمية وأن تقف أمام العاصفة كمارد أسطوري. “كل شيء على ما يرام أستاذ أحمد”، قالت لي قبل عامين ، “لقد اجتزت جميع امتحاناتي بنجاح والحمد لله” وعلى الرغم أنني كنت أعلم بما يمر به جسدها الصغير من المتاعب والآلام، لكنها استمرت في محاولات تحقيق أحلامها وتحقيق النجاح الأكاديمي حتى أتمت أنجازه بالفعل.

إن صمود الدكتورة رغد يعكس قوة شخصيتها وثباتها الأخلاقي الأصيل. الذي كان دائما مصدر إلهام لمن حولها، حيث تعاملت مع المرض بكل روح إيجابية وتفاؤل. ولم تترك الألم يؤثر على قيمها الأخلاقية الراقية.

بالإضافة إلى شجاعتها الاستثنائية، كانت الدكتورة رغد تتمتع بقدرات تعليمية من الدرجة الأولى. كانت متفوقة في دراستها ومجتهدة في اكتساب المعرفة والمهارات اللازمة للنجاح. لقد استطاعت تحقيق إنجازها الأكاديمي رغم التحديات الصعبة التي واجهتها. ولكن الإرادة العالية استدعتها مبكرا فاسلمت الى ارادة الله الواحد الأحد.

فقدنا في رحيلها شخصية فريدة من نوعها، وسيفقد مجتمعنا في غيابها فردا متميزا من أبناء هذا الوطن. نقدم واجب التعزية الحارة لأهلها الكرام، السيدة نهاية وزوجها السيد حمد سويطات، ولجميع أفراد عائلتها المحترمين. نتمنى لكم الصبر والقوة في هذا الوقت العصي. الرحمة لها وإلى جنات النعيم.

أحمد محاميد

Be the first to comment

Leave a Reply